(طالب عبقري يتسبب في مرض أستاذه!)
حدثني بها مهندس بارع، صالح تقي، هو البكر لأبيه، رباه أبوه تربية صالحة، وكان قريبا منه، هينا لينا معه، قال - فيما قال - :
ولما كنت في الأول المتوسط؛ شغفت بالرياضيات، وأخذت بلبي، واستولت على خاطري وفكري، وكان من ذلك لما كنت في الثاني متوسط أن الأستاذ يحل المعادلة بطريقة طويلة؛ فأرفع يدي قائلا له: أنا أحلها بخطوتين أو ثلاث، فيأخذ مني الإجابة، ويوافقني، ومرة كررها، فتكرر موقفي ذاته، فخرج من الفصل، وشاهده الطلاب يضرب الجدار برأسه، وغاب أسبوعا أو أسبوعين، ثم عاد وآثار التعب والإرهاق والإجهاد عليه، وحليت المسألة الهندسية بطريقة مختصرة تخالف طريقته المطولة، فهنا غاب ولم يعد!
مرت السنون - والأيام تطوي الأعوام -، واتفق أني كنت في سفر في طائرة؛ فإذا برجل يسلم علي، أنت فلان؟ قلت - مندهشا - : نعم، أنا هو، قال: ألم تعرفني؟ قلت: لا، قال: أنت فلان الذي تسبب في أنني مرضت، وتركت التعليم!
يقول صاحبنا: كنت مندهشا، وقد كنت في الجامعة، تغير لوني وشكلي، ومع ذلك عرفني!
عقلية جبارة، وتربية صالحة، في حسن خلق، ونبل أصل، وكرامة معدن، لا حرمك الله الأجر يا سميي أبا عبدالله، ولست له بند والله، ورحم أباك ومن رباك، وغرسك غرسا طيبا "والبلد الطيب يخرج نباته بإذن ربه". الأعراف.
ومن اقترب من مثل أبي عبدالله؛ فوالله إنه يحسن الظن بأجيال المسلمين، فالهباء كثير، ورجل واحد قد يكون بأمة، ويصنع ما يعجز عن مثله الشعوب من أهل الأرض من بني الإنسان!
بقلم/
أبو عبدالملك عبدالرحمن بن مشعل العوفي.
طبرجل- السبت ١٤٤١/١/١٥
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق