شذرات من بطون الكتب- (سيرة مسافر سعودي)
بين يدي كتاب يحكي سيرة شيخ جليل، إمام زاهد بحق، داعية إلى الله بصدق، إذا نظرت في موقعه الرسمي إلى ترجمته، تقف على شيء عجاب، رحمه الله رحمة واسعة وأسكنه فسيح جناته وأعقب له في ذريته خيرا كثيرا.
إنه الإمام المجاهد العلم القدوة الناصح الزاهد، التربوي الشيخ الجليل الذكي فطرة/ سعد بن عبدالرحمن الحصين، وكتابه "سيرة مسافر سعودي"، من مطبوعات دار اللؤلؤة، ط٢، ١٤٣٧. يقع في ٢٤٠ صفحة.
وهو من مواليد شقراء، عام ١٣٥٣، آية في العلم والعمل، والفكر والوعي، والذكاء والنبل، والدعوة للدين الحق بصدع وحلم وعلم.
وهذا الكتاب أول كتاب للشيخ أقرؤه، أعجبني أسلوبه للغاية، يستشهد قليلا بالشعر، ويدخل قليلا بعض الأمثال العربية والعامية، ويذكر بعض الكلمات الإنجليزية، فهو يتقنها.
ذكر في هذا الكتاب الممتع المفيد - في آن - سفره إلى الرياض، الطائف، مصر وبلاد الشام، انكلترا، الولايات المتحدة الأمريكية، فلسطين، إيران، ليبيا، الجزائر، العراق، اليمن، اليابان، فرنسا، جنيف، بنكلاديش، جنوب أفريقيا، باكستان، أفغانستان، ثم ختم بخاتمة جميلة.
قرأته في يوم الأحد بتاريخ ١٤٤٧/٢/٢، وختمته اليوم بحمد ربي تعالى.
أنقل هنا بعض الشذرات واللفتات المفيدة:
١- ولا زال الشيخ محمد بن عبدالرزاق حمزة متميزا على كل أئمة المسجد الحرام والمسجد النبوي قبله وبعده في القرون المتأخرة - رحمهم الله جميعا - في دعوته إلى الاتباع ومحاربته الابتداع. ٢٢.
٢- الخروج على من ولاه الله الملك - من غير أهل الحل والعقد - مخالفة لشرع الله على أي حال. ٢٤.
٣- افتتح الملك سعود - رحمه الله - أول المعاهد الدينية في الرياض عام ١٣٧١، ثم كليتي الشريعة واللغة العربية عام ١٣٧٣، وانتشرت فروع المعاهد في الداخل والخارج حتى بلغت نحوا من ٦٠ ضمن جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية وفروعها في الداخل والخارج. ٢٥، بتصرف.
٤- فالله لا يعطي أي أحد، ولا يمنعه كل شيء. ٣٣.
٥- الثورة المصرية...من أهم ما أحدثته من الفكر الاشتراكي مبنيا في الغالب - أو موافقا على الأقل - لفكر سيد قطب في كتابيه "العدالة الاجتماعية" و "معركة الإسلام والرأسمالية". ٣٤، بتصرف.
٦- من إصلاحات الثورة الفاسدة: نشر فكر ساطع الحصري عن القومية العربية، وتنفيذ فكر سيد قطب الاشتراكي، وأساسه: أخذ أموال الأغنياء وشركاتهم وأراضيهم ومزارعهم، وإعطائها لعامة الناس من الفلاحين والإداريين - أو بلغة الاشتراكية: نقلها من القطاع الخاص إلى القطاع العام -. ٣٥، بتصرف.
٧- وكانت فلسطين أغنى بلاد العرب قبل الحرب - ١٩٤٨- ١٣٦٨- "يأتيها رزقها رغدا من كل مكان"، فأفسدها الإسراف وغيره من المعاصي، وأسوأ معاصيها ومعاصي غيرها: بناء المساجد على القبور، وشد الرحال إليها، ودعاء أصحابها. ٣٦، بتصرف.
٨- أما آل سعود فلهم لواء التوحيد والسنة - فضلا من الله ونعمة -، لالتزامهم بتجديد الدين ونشره، ومحاربة الشرك والبدعة في القرون الثلاثة الأخيرة. ٣٨.
٩- محمد بهجة البيطار...شيخ السنة في بلاد الشام. ٣٩، بتصرف.
١٠- في عام ١٣٧٤...كان صرف الليرة السورية ريالا سعوديا وربع الريال، واللبنانية ريالين إلا ربع ريال، والجنيه المصري اثني عشر ريالا ونصف ريال - مثل الدينار الأردني والعراقي والجنيه الإسترليني -؛ بل كان سعر الدولار الأمريكي أربعة ريالات ونصف الريال، فانخفضت جميعا، وارتفع الريال بفضل الله ومنته، وجاء الناس من بلاد الأنهار والثمار في طلبه. ٤٠، بتصرف.
١١- والعطاء الأعظم الدين لا الدنيا "انظر كيف فضلنا بعضهم على بعض وللآخرة أكبر درجات وأكبر تفضيلا". ٤٢.
١٢- وحكم الوحدة العربية - أو الإسلامية أخيرا - خيال طالما راود عقول العرب والمسلمين، لظنهم أن مجرد الوحدة محقق للخير والعدل والنصر، وغفلتهم عن الأساس التي تقوم عليه الوحدة، ليتحقق الخير أو الشر، فالوحدة مثل التعاون إما على البر والتقوى وإما على الإثم والعدوان. ٤٢.
١٣- ولقد جبلت بفضل الله على القصد في الفقر والغنى، وعصمني الله من تبعية التقليد "المحاكاة" في الدين والدنيا؛ السبب الأول في الانحراف عن الفطرة، وفي الإسراف - المعصية التي يقع فيها ويصر عليها أكثر الناس علماؤهم وفقراؤهم -، وفي الحاجة والعنت والتكلف "إنه لا يحب المسرفين". ٤٤.
١٤- فكل إسراف وراءه حق مضيع. ٤٨.
١٥- من الأمثال المصرية التي استشهد بها: "بركة اللي جت منّك يا جامع". ٤٩.
١٦- الأطفال يحبون الأقرب إليهم عاطفة وعقلا - بدليل أنهم إذا بلغوا مرحلة التمييز؛ تحولت محبتهم إلى عدم المبالاة -. ٥١.
١٧- الوحدة خير من جليس السوء، وإذا لم يكن لك مرافق ثالث، فلا خير في "الشيطان الثاني"، كما قال حسن الصايغ - رحمه الله -. ٥١.
١٨- وعندما أعلن أحد الرسامين المغمورين أنه هو الذي رسم لوحة وقعتها "أوكيف"، سقطت قيمتها، فالقيمة للاسم، لا للفن. ٥٤.
١٩- وأجمل مناطق أوروبا حسب تقديري: "كومو" شمال إيطاليا، و "لوكانو" جنوب سويسرا. ٥٧، بتصرف.
٢٠- ونحن أحوج للاعتقاد والاتباع من المباني. ٥٧.
٢١- وقد تعلمت قولا وعملا أن لذة الراحة إنما تكتمل بعد التعب، كما أن لذة الطعام والأمن لا تكتمل إلا بعد الجوع والخوف. ٥٩.
٢٢- والأتراك من خير من جربت في العالم إصلاحا لفساد السيارات...فالسوريون أقرب الناس إلى جيرانهم الأتراك في الإصلاح والمحافظة على السيارات، ولكنهم جميعا متماثلون في حب الدين عاطفة، وحب الابتداع والبعد عن الاتباع، فالأكثرون أشاعرة في الاعتقاد، متعصبون في التقليد. ٦١، بتصرف.
٢٣- أبطال الرياضة لا يستعملون رؤوسهم إلا للمناطحة، ومع ذلك يحصلون من المال والجاه أكثر ممن يستعمل عقله في الدين أو الدنيا أضعافا مضاعفة. ٦٦.
٢٤- و "شيكاكو" من أسوأ المدن الأمريكية مناخا وأمنا، وأكثرها تلوثا وإجراما، ومن أولها اشتهارا بعصابات كبار البيض، ثم بعصابات صغار السود. ٧٠.
٢٥- قال عن اليابان وألمانيا في توصيف دقيق وسبر عميق:
"واحتلت كل منهما بعد تدميرها، ولعل الخير في ذلك لهما ولغيرهما، فقد انصرفتا عن الحرب والاحتلال إلى الإنتاج الصناعي التجاري، فحققتا بالسلم ما لم تحققاه بالحرب. ٧٢.
٢٦- وللرجال في اليابان على النساء درجة، بل درجات، له العمل في الخارج، وعليها العمل في المنزل، وتهيئته لسكن الزوج والأولاد. يعود الزوج بعد انتهاء عمله - وربما تسليته الخارجية - فيدخل منزله، وتستقبله زوجه، تخلع عنه حذاء الخروج، وتلبسه حذاء المنزل. ٧٣.
٢٧- والترف آفة الفرد والأمة وسبب للخسران. ٧٥.
٢٨- والتايلندي - فيما ظهر لي - سمح سهل القياد، أليف أكثر من غيره...يسهل عليك الارتباط به، والانفكاك منه. ٧٦، بتصرف.
٢٩- الحضارة الهندية من أبرز الحضارات وأكثرها تأثيرا على الحضارة اليونانية، بل على اليهود والنصارى والمنتمين إلى الإسلام فيما أدخل على التدين من بدع التصوف فيما يسمى "السلوك"، بل في الاعتقاد - وأعظم ذلك: وحدة الوجود، والاتحاد بين الخالق والمخلوق، وأدناه: هز الجسم أو الرأس عند الذكر، وإحصاء الذكر بمسبحة الخرز -. ٧٧، بتصرف.
٣٠- قال تعالى: (ولا تستوي الحسنة ولا السيئة ادفع بالتي هي أحسن):
والأولى بالمسلم - بل بأي ذي عقل - أن يفرض خلق الإسلام على نفسه وغيره بالإحسان، ولا يكون إمعة، إن أحسن الناس أحسن، وإن أساؤوا، أساء، فإن فعل فإنه إنما يتخلق بما يكرهه من سوء أخلاقهم. ٨١.
٣١- الحرم الإبراهيمي الشريف...ليس بحرم ولا إبراهيمي، ولا شريف. ٨٣.
٣٢- فالشرك أشنع من كل معصية. ٨٣.
٣٣- قال عن الأحزاب الفلسطينية:
"ولم أعرف من قادة الكفاح والجهاد - بزعمهم - عالما شرعيا ولا داعيا إلى الله على بصيرة من كتاب الله وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم -، بفهم فقهاء القرون المفضلة في الدين، ولم أعرف منهم واحدا منذ حسن البنا وسيد قطب - تجاوز الله عنهم - إلى هذا اليوم من جعل أكبر همه - بل شيئا يذكر من همه ومنهاج عمله - ما دعا إليه جميع الرسل - قبل كل أمر أو نهي - من تصحيح الاعتقاد والعبادة". ٨٤.
٣٤- نافست إيران الهند في افتراء ونشر إفك التصوف، فمنشؤه الهند، وحملته من إيران: الحلاج والبسطامي، والغزالي. ٨٥.
٣٥- ويظن كثير من العرب أن لفظ الأجنبي لا يجوز أن يوصف به إلا الأعجمي الكافر، ومصدر هذا الظن: الجهل بالشرع واللغة والفقه، فابن العم أجنبي - شرعا ولغة - عن ابنة عمه حتى يتزوجها. ٩٠.
٣٦- فالثقافة الفرنسية عميقة الجذور في تونس أكثر من غيرها في المغرب العربي. ٩١.
٣٧- ومن أمريكا انتقل ما يسمى "الصحوة الإسلامية" إلى جميع أنحاء العالم، وظهر تأثيرها في التدين العاطفي: الركض وراء كل شيء يوصف بالإسلامي، من شريط وكتاب وموعظة وفضائية ومهرجان وجماعة وحزب، بل ومستشفى، حتى صارت كلمة "إسلامي" علامة تجارية، وزاد عدد المصلين وعدد المساجد وعدد الجمعيات دون شرط النبي - صلى الله عليه وسلم -: "ما أنا عليه وأصحابي"، فلم يكن بين محركي الصحوة عالم شرعي يذكرهم بذلك، ولم ينقص عدد الأوثان والبدع والزوايا الصوفية؛ بل لم تدع الصحوة إلى تركها. ٩٩.
٣٨- نقل عن طائفة "الهيبيز" المثل: "بقدر قلة مالك ومتاعك، يقل خوفك على فقده". ١٠٠.
٣٩- وكثرة الأتباع وتحقق النتائج الطيبة لا يعني صحة منهاج الدعوة، والقلة والإخفاق لا يعني فساد منهاج الدعوة، فأكثر الرسل لم يتبعهم إلا القليل أو لم يتبعهم أحد، وقد يؤيد الله الدين بالرجل الفاجر. ١٠١.
٤٠- "لوس أنجلس" تعني: الملائكة. ١٠٢.
٤١- وما ينقص من طبيعة الأرض، يكمله العمل بالوسائل الحديثة. ١٠٩.
٤٢- الطفل لا يتعلم من نصائح أهله كما يتعلم من أخطائه. ١١٣.
٤٣- الإيطاليين أقرب إلى العرب جغرافيا وثقافة وفوضى وصياحا. ١٢١.
٤٤- والغجر من أكثر الناس مرحا، وأقلهم هما - قل متاعهم، فقل همهم عليه في وجوده أو فقده -. ١٢٣.
٤٥- أكثر العرب لا يعرفون من الكرم إلا ما يطبخ في القدر، ويوضع على المائدة للأكل، أو للزينة والتكاثر، وهو الأهم. ١٢٦.
٤٦- ولم ير النبي - صلى الله عليه وسلم - التقبيل لأمته، ولم يفعله إلا نادرا. ١٢٨.
٤٧- وقد تعلمت من والدي سنة النبي - صلى الله عليه وسلم - في الاهتمام بخادمه، وكان والدي - رحمه الله - يرفض الأكل إلا بمشاركة الخادم والعامل. ١٣٢.
٤٨- فالرجل الياباني يسبق المرأة إلى كل حق، وللمرأة بعده ما يبقى. ١٣٧.
٤٩- فالعرب لا يتجاوز نصيبهم من الحضارة التقليد، ولكنهم لا يحسنون التقليد، وهم لا ينتجون، ولا يحسنون استهلاك إنتاج غيرهم، هداهم الله لأقرب من هذا رشدا. ١٤٧.
٥٠- ولم يتضمن الوحي ولا الفقه في الدين هندسة معمارية، ولا فنا ولا فلسفة ولا فكرا مجردا ولا نشيدا. ١٤٩.
٥١- وأنا لا أحترم المألوف حتى أختبره، فيثبت لي أنه الأصلح. ١٥٤.
٥٢- وأنا لا أحترم الروتين إلا فيما يخدم المصلحة. ١٥٤.
٥٣- من عادتي البطء في التفكير، والبطء في التنفيذ. ١٧٨.
٥٤- وقبل قرن كان النساء في الغرب يحجبن ما عدى الوجه والكفين، ولا تزال الراهبات يلتزمن بذلك، بل لا تزال نساء "الأيمش" و "المورمن" في مستعمراتهم الخاصة يلتزمن به في أمريكا. ١٧٩.
٥٥- في عام ١٣٩٩ يقول: تركت العشاء منذ عشرين سنة. ١٨١.
٥٦- والحق أنه بالرغم مما صاحبه من استغلال كان استعمارا لكل منطقة حل بها في القرن الماضي، فلم تعرف بلاد العرب والعجم المستعمرة بالأوروبيين المدارس ولا الطرق ولا الكهرباء ولا الماء في الأنابيب ولا الغاز ولا البترول استخراجا أو استعمالا إلا بفضل الله ثم بفضل المستعمرين الأوروبيين. ١٨٦.
٥٧- العرب مثل اليهود عند النازيين، عنصر منحط بالدرجة السفلى. ١٨٨.
٥٨- وإنما المعيار: العمل وفق شرع الله. ١٩٠.
٥٩- أكثر أسباب الشقاء الدنيوي سياسية وإعلامية وأحيانا خيالة، أكثر منها واقعية أو عقلية أو شرعية. ١٩٠.
٦٠- والحق أن كثرة المال وكثرة الأدوات وكثرة الأنظمة، تعوق الدعوة إلى الله أكثر مما تفيدها، وتفتح منافذ للشيطان ليبذر بذور الخلاف بين الدعاة. ٢٠٧.
٦١- الفتنة الداخلية أسوأ من الغزو الخارجي، فلم يفعل محتل أعجمي في بلد عربي ما فعلته الحرب الأهلية في لبنان والصومال، والاحتلال العراقي في الكويت، وأخيرا الاقتتال في فلسطين بين الفلسطينيين. ٢١٦.
نقلها/
أبو عبدالملك عبدالرحمن بن مشعل العوفي الحربي.
الدوداء- الاثنين- ١٤٤٧/٢/٣.
Abdurrahmanalaufi@gmail.com