لو لم أكن كاتبا، لما رأى النور كتابي (شذرات من كتب ابن قيم الجوزية) ونفد من السوق، وبيع في "مكتبة جرير" وغيرها...
لو لم أكن كاتبا لما أخرجت كتابي (كنوز من مكتبتي)، مئة وثمان وستون صفحة، والمصادر مئة وخمسون.
لو لم أكن كاتبا، لما كتبت مئات المقالات، وآلاف الصفحات...
لو لم أكن كاتبا، لما شعرت بلذة الوجود الإنساني، ولذة هذه الحياة، ولذة رؤية الناس، ورؤية الظواهر الطبيعية وغير الطبيعية، لأن الإنسان الكاتب يحلل النفس والظاهرة والطبيعة، يدقق ويربط ويستنتج...
لو لم أكن كاتبا، لكنت مفلحا في العبث الإنساني، فالكتابة مظهر حقيقي للإنسانية في أعلى صورها، وأدق سماتها، فما الإنسان بغير القلم والقراءة والكتابة والأدب والمعرفة والثقافة والفكر؟!
لو لم أكن كاتبا، لكنت مهزلة ومسخرة عند من لا يستحق أن يظفر بمسح التراب عن باطن حذائي!
لو لم أكن كاتبا، لكنت تافها لاعبا...
لو لم أكن كاتبا، لكنت متخبطا متلجلجا...
الكتابة تضبط العقل والتفكير، وتجود اللسان، وتبصر الذهن، وتحدد المسير، فهي قاعدة التركيز، ومنطلق الإرادة والحرية، وهي ميدان الشعور، وهي وهي...
باختصار:
لو لم أكن كاتبا، لكنت بشرا سويا في العدم، فالكتابة وجود، وتمثيل، وارتقاء، ومجد، ولذة، وهدف، وتفريغ، فهي تنادي بصوت مجلجل هاؤم اقرؤوا شخصية كاتبي في كتاباته، وهي تمثلك إنسانا له كينونته الخاصة، وإبداعاته المتألقة، له شعوره وعواطفه وأحساسيه وأفكاره، له تطلعاته وآماله وآلامه، وهي ترتقي بالكاتب إلى أفق أرحب في سموات الإبداع والتكوين والتفكير الإنساني، وهي مجد بوصفها من أهم عوامل الإنسان المتحضر، وهي لذة لا تعادلها لذة سوى لذة القراءة، وهي من تأخذ بيد الكاتب إلى تحقيق الأهداف بكل يسر وسهولة، كأنها شمعة مضيئة تهدي الطريق، وتدل السبيل...
والكتابة تفريغ للمشاعر المتأججة، والأحاسيس المكبوتة...
وأخيرا:
يكفي في أهمية وعظمة الكتابة والقلم والمعرفة قول رب العالمين: (ن* والقلم وما يسطرون)، وأول التنزيل: (اقرأ)، ولم يأمر الله نبيه صلى الله عليه وسلم بالازدياد من شيء سوى العلم: (وقل رب زدني علما)، ومن أهم أدوات العلم: القراءة والكتابة.
بقلم/
عبدالرحمن بن مشعل بن حضيض العوفي.
طبرجل- الأحد- ١٤٤٧/٣/٢٩.
Abdurrahmanalaufi@gmail.com
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق