الخميس، 10 يوليو 2025

فوائد تفسيرية- (وجعل منهم القردة)

فوائد تفسيرية- (وجعل منهم القردة)

قال تعالى: ﴿قُلۡ هَلۡ أُنَبِّئُكُم بِشَرࣲّ مِّن ذَ ٰ⁠لِكَ مَثُوبَةً عِندَ ٱللَّهِۚ مَن لَّعَنَهُ ٱللَّهُ وَغَضِبَ عَلَیۡهِ وَجَعَلَ مِنۡهُمُ ٱلۡقِرَدَةَ وَٱلۡخَنَازِیرَ وَعَبَدَ ٱلطَّـٰغُوتَۚ أُو۟لَـٰۤىِٕكَ شَرࣱّ مَّكَانࣰا وَأَضَلُّ عَن سَوَاۤءِ ٱلسَّبِیلِ﴾ [المائدة ٦٠].
قال ابن عثيمين - عليه رحمات رب العالمين -:
"فلما كانت هذه الفعلة المحرمة شبيهة بالحلال مسخهم الله عز وجل قردة؛ لأنه شبيه بالإنسان، شوف الجزاء من جنس العمل، صاروا قردة، القردة هنا هل هم صاروا قردة معنًى أو حسًّا؟ حسًّا، صاروا قردة حسًّا، هذا الذي عليه جمهور المفسرين، وهو ظاهر القرآن، وإن كان بعض المعاصرين ذهب إلى أنهم كانوا قردة معنًى، أي صاروا مثل القرود، ليس عندهم أفكار بني آدم ولا عقول بني آدم، لكن يقال: الأصل هو أيش؟ الحقيقة، الأصل هو الحقيقة، والله على كل شيء قدير، الذي خلق الإنسان على هذا الوصف قادر على أن يقلبه على وصف آخر، ولهذا قال: ﴿كُونُوا قِرَدَةً خَاسِئِينَ﴾ [البقرة ٦٥] فصاروا قردة، لكن هل بقوا؟
الجواب: لا؛ لأن المقصود من كونهم قردة أن يكونوا عبرة ونكالًا، ولا يلزم من هذا أن تتسلسل الذرية، ولذلك قال أهل العلم: إنه لا نسل لمن مسخوا حيوانًا من أجل العقوبة، لا نسل لهم، من مات خلاص".
وقال ابن عاشور - عليه رحمة الرب الغفور -:
"وَتَكْوِينُهُمْ قِرَدَةً يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ بِتَصْيِيرِ أَجْسَامِهِمْ أَجْسَامَ قِرَدَةٍ مَعَ بَقَاءِ الْإِدْرَاكِ الْإِنْسَانِيِّ وَهَذَا قَوْلُ جُمْهُورِ الْعُلَمَاءِ وَالْمُفَسِّرِينَ...
ثُمَّ إِنَّ الْقَائِلِينَ بِوُقُوعِ الْمَسْخِ فِي الْأَجْسَامِ اتَّفَقُوا أَوْ كَادُوا عَلَى أَنَّ الْمَمْسُوخَ لَا يَعِيشُ أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ وَأَنَّهُ لَا يَتَنَاسَلُ.
وَرَوَى ذَلِكَ ابْنُ مَسْعُودٍ عَنِ النَّبِيءِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي «صَحِيحِ مُسْلِمٍ» أَنَّهُ قَالَ: «لَمْ يُهْلِكِ اللَّهُ قَوْمًا أَوْ يُعَذِّبْ قَوْمًا فَيَجْعَلَ لَهُمْ نَسْلًا»
وَهُوَ صَرِيحٌ فِي الْبَابِ".
التحرير والتنوير، التونسية، ٥٤٤/١.

بقلم/
أبو عبدالملك عبدالرحمن بن مشعل العوفي الحربي. 
طبرجل- الأربعاء- ١٤٤٧/١/١٤.
Abdurrahmanalaufi@gmail.com

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق