(تعقيب على لقاء المغامسي ونظره للأزهر والتراث)
بسم الله، الحمدلله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد:
في يوم الأربعاء بتاريخ ١٤٤٤/٣/٢ تقريبا؛ ظهر صالح المغامسي في لقاء متلفز، خبط فيه خبط عشواء - في نظري القاصر على الأقل -، ولي بعض الملاحظات التي استوقفتني:
أولا: يلاحظ عليه انحرافه المنهجي والمسلكي والتربوي والدعوي والوعظي، فكما كان بالأمس لم يعرف إلا بتفسير القرآن الكريم - أو لنقل نقل التفسير للناس -؛ نرى اليوم كيف انجرف مع التيار، وساير الناس، وظهر بمظهر جديد غير مألوف، دخل في الإفتاء، وأفتى في مسائل شاذة، وأحدث بلبلة في صفوف المجتمع المسلم - مثل قوله بأن الغناء الوطني لا شيء فيه؛ لأنه لا يثير الشهوة، وأن المعازف لو كانت محرمة؛ لجاء النص فيها، وأن الذبيح هو إسحاق لا إسماعيل، عليهما السلام، وأن الرافضة والإسماعيلية في نجران مسلمون، إلى غير ذلك من الطوام - فخرج من التخصص - وهو اللغة العربية - إلى التفسير، ثم الإفتاء بشذوذ المسائل. نسأل الله لنا وله وللجميع الهداية والتوفيق.
ثانيا: صرح بأن أعظم جامعات الإسلام (الأزهر)، ويعزو ذلك إلى أمرين:
الأول: الحفاظ على رسم الأزهر وتأسيسه إلى أحمد الطيب رئيسه الحالي - وهو مبتدع أشعري ضال -، مع أن الأزهر دخله الفساد من أكثر من سبعة عقود - كما بين ذلك محدث المدينة وريحانتها عبدالمحسن العباد حفظه رب العباد في موقعه الرسمي -.
الثاني: إلى كون الأزهر يتقبل الأطراف والأفكار الأخرى والمخالفة!
ثالثا: ينتقد التراث الفقهي، ويعظم التراث الأدبي، يقول: (هناك تعظيم جدا جدا للتراث)، وضرب مثالا بمتن فقهي حنبلي - وهو (زاد المستقنع) - وقال: (يشرحه الشيخ ثم يموت، يأتي أبرز تلاميذه يشرحه، ثم يموت، وهكذا، المهمة المفترض أكبر من شرح الزاد!).
سبحان الله، هذه مبادئ الطلب ومناهج الدراسة والتخريج والتأصيل والتحصيل، ثم بعدها له الحق في النظر والفتيا، فابن سعدي كان يحفظ (دليل الطالب) وينصح تلاميذه بحفظ (زاد المستقنع)، وابن عثيمين أخذ بوصيته - رحم الله الجميع -، وكان السعدي هو السعدي، وابن عثيمين؛ هو ابن عثيمين، يرجح ما يعضده الدليل؛ لأن أصوله متينة، سلك طريق العلماء، ثم اختط له طريقا، يرجح خلاف المذهب أحيانا، يخالف شيخه أحيانا، فهي - إذن - خطة دراسة، ومنهج بحث، لا أكثر؛ أعني دراسة المتون والتخرج عليها.
يحفظها الطالب أو يدمن النظر فيها، ولا يتقيد بها في نهاية المطاف لما يكون قادرا على النظر والترجيح، وعلى ذلك سار فطاحلة العلماء، فمثلا: ابن قدامة - رحمه الله - ألف أربعة كتب بالترتيب التالي:
أولا: عمدة الفقه.
ثانيا: المقنع.
ثالثا: الكافي.
رابعا: المغني.
الأول مجرد من الأقوال.
الثاني فيه قولان - مختصره زاد المستقنع، على قول واحد -.
الثالث: فيه ذكر عدة أقوال، في الخلاف النازل في المذهب.
الرابع: فيه الخلاف العالي، خلاف المذاهب الأربعة وغيرهم.
فالشيخ - هداه الله - انتقد التراث الفقهي بهذه الصورة الساذجة، وعظم التراث الأدبي بقوله َ: (محال أن تكون شاعرا بدون حفظ الشعر والشعر القديم!).
ولمزيد اطلاع ومعرفة؛ أنصح - كثيرا - بالرجوع إلى (كتاب العلم؛ لابن عثيمين) و (حلية طالب العلم؛ للعلامة بكر أبو زيد مع شرح ابن عثيمين رحم الله الجميع) و (مدارج تفقه الحنبلي؛ لشيخنا أحمد بن ناصر القعيمي حفظه الرب العلي)، فالواقف عليها يعلم يقينا صواب أولئك فيما ذهبوا إليه، وخطأ المنتقد لذلك المنهج القويم.
رابعا: صرح بأنه لا خلاف بينه وبين أحد، ولا يريد خلافا بينه وبين أحد، وأنه يجل (الإباضية) ويقدرهم - مع ضلالاتهم ومنها تكفير عثمان وعلي رضي الله عنهما -، وهذا خرق في باب (الولاء والبراء)، والسني متمسك بهذا الباب، والمبتدع همه جمع الناس على شخصه - ولو خرق هذا الباب وغيره -، نعوذ بالله من الخذلان.
وهناك كتب في (السنة) و (أصول السنة) و (الشريعة)؛ تؤصل لأصول أهل السنة والجماعة، منها (السنة؛ لأحمد)، و (الشريعة؛ للآجري)، و (شرح اعتقاد أصول أهل السنة والجماعة؛ للالكائي)، وغيرها، فعلى السني الرجوع لها، والتمسك بها؛حتى يكون على بصيرة في دينه ودعوته.
وختاما:
(ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب).
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
بقلم/
أبو عبدالملك عبدالرحمن بن مشعل العوفي.
طبرجل - الاثنين - ١٤٤٤/٣/٧
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق